نشرت مجلة معهد النشر الرقمي متعدد التخصصات (MDPI)، ومقرها سويسرا، دراسة علمية مهمة يوم الثلاثاء 7 يناير 2025، تُبرز عودة بحيرة إريقي التاريخية إلى الحياة كفرصة نادرة لتسليط الضوء على استدامة إدارة الأراضي الرطبة في المناطق الصحراوية على مستوى العالم. تُشير الدراسة إلى أهمية هذه البحيرة التاريخية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خصوصاً تلك المتعلقة بـ”الحياة على الأرض” و”العمل اللائق والنمو الاقتصادي”.

أهمية بحيرة إريقي التاريخية في التنمية المستدامة
أكدت الدراسة، التي أعدها فريق من الباحثين من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان بزاكورة، والمعهد الوطني للبحث الزراعي بالرباط، على أن بحيرة إريقي التاريخية تمثل نظاماً بيئياً حيوياً للحياة البرية والمجتمعات المحلية المحيطة. وأشارت إلى أن الجهود المبذولة للحفاظ على البحيرة تتماشى مع الهدف الخامس عشر للتنمية المستدامة المتعلق بالحياة على الأرض، مؤكدة على أهمية حماية التنوع البيولوجي وتنمية مبادرات السياحة البيئية لدعم الاقتصاد المحلي.
أهمية الإدارة المستدامة لبحيرة إريقي
بحسب الدراسة، تُعد الإدارة المستدامة لبحيرة إريقي التاريخية أمراً ضرورياً للحفاظ على دورها كمصدر مائي حيوي وداعم للزراعة والرعي في المنطقة. كما تُشير إلى أن تطوير السياحة البيئية حول البحيرة، مع الحفاظ على نظامها البيئي، يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تحقيق الهدف الثامن للتنمية المستدامة الخاص بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي.
بحيرة إريقي: موقع استثنائي ودور حيوي
تقع بحيرة إريقي التاريخية على بعد حوالي 160 كيلومتراً جنوب مدينة زاكورة، وتمتد على مساحة تبلغ 7086 هكتاراً، وهي جزء من الحديقة الوطنية لإريقي المصنفة ضمن الفئة الرابعة من الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN). تتلقى البحيرة مياهها بعد العواصف من المجاري المائية المؤقتة القادمة من جبال باني، خاصة وادي المحصر، إضافة إلى وادي المدور الجاف حالياً ووادي درعة.
التاريخ البيئي لبحيرة إريقي
خلال الفترات الرطبة، كانت البحيرة محطة رئيسية للطيور المهاجرة مثل طيور الفلامنجو والإوز. وقد شهدت البحيرة في الفترة من 1957 إلى 1968 أعداداً تتراوح بين 500 و1500 زوج متكاثر من الفلامنجو. إلا أن بناء سد المنصور الذهبي عام 1971 أدى إلى جفاف البحيرة، مما أثر على تنوعها البيولوجي. مع ذلك، تُبرز الدراسة أن عودة البحيرة مؤخراً تُعد تذكيراً بقوة الطبيعة وصمودها، مشيرة إلى علامات واضحة على تعافي النظام البيئي.
جهود البحث العلمي والتوصيات
اقترح الباحثون إجراء رسم خرائط هيدرولوجية تفصيلية باستخدام بيانات الأقمار الصناعية عالية الدقة. هذه الخرائط ستساعد على إدارة المياه بشكل مستدام، بما في ذلك الربط المحتمل مع الأنهار والتفرعات المحيطة. كما أكدت الدراسة على أهمية إعادة تأهيل الأراضي الرطبة للحفاظ على التنوع البيولوجي. من بين التوصيات الأخرى:
تطوير البنية التحتية: تحسين الطرق المؤدية إلى البحيرة.
تعزيز السياحة البيئية: دمج السياحة البيئية كأداة رئيسية للتنمية المستدامة.
إعادة التشجير وتثبيت الكثبان الرملية: لدعم النباتات المحلية.
إعادة توطين الحيوانات البرية: مثل الغزلان والنعام لدعم التوازن البيئي.
أهمية بحيرة إريقي كمحطة بيئية
تُعتبر بحيرة إريقي محطة حيوية للطيور المهاجرة مثل مالك الحزين الرمادي (Ardea cinerea) والبلشون الأبيض الصغير (Egretta garzetta). كما لاحظ الباحثون وجود بيض الطيور على ضفاف البحيرة، مما يشير إلى استخدامها كموقع للتكاثر. بالإضافة إلى ذلك، رُصدت أنواع من السحالي مثل السحلية أغاما وسحلية الذيل الشوكي الشمالي الإفريقي (Uromastix acanthinurus)، ما يعكس توازن النظام البيئي المتعافي.
النباتات المحيطة ببحيرة إريقي
بدأت النباتات في النمو حول البحيرة، خاصة في المناطق الغنية بالرواسب، ومن أبرزها الطيطان (Pancratium trianthum)، ونبتة القيامة (Anastatica hierochuntica)، والقصب (Phragmites)، والأكاسيا الراديانا (Acacia raddiana). ومع ذلك، أظهرت المناطق الرملية والكثبان الطينية نمواً محدوداً للنباتات، ما يستدعي جهوداً إضافية لتحسين استدامة التربة.
دور بحيرة إريقي في تحقيق التنمية المستدامة
تُعد بحيرة إريقي التاريخية مثالاً فريداً على التحديات والفرص في إدارة الأراضي الرطبة الصحراوية. وبفضل جهود الحفظ والإدارة المستدامة، يمكن أن تصبح نموذجاً يُحتذى به على مستوى العالم. كما أن التركيز على استدامة إمدادات المياه، وتنمية السياحة البيئية، وحماية التنوع البيولوجي يُمكن أن يعزز من دور البحيرة كمورد بيئي وثقافي.
تشير الدراسة إلى أن النجاح في إدارة بحيرة إريقي التاريخية يتطلب تعاوناً مكثفاً بين الباحثين، صانعي السياسات، والمجتمعات المحلية. فمع التخطيط الاستراتيجي واستخدام التكنولوجيا الحديثة، يمكن لهذه البحيرة أن تتحول إلى رمز للإدارة المستدامة للأراضي الرطبة في المناطق الصحراوية، مما يسهم في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.